احمد المهنا
الحضور الكريم
مساء الخير عليكم جميعا
نلتقي اليوم للإحتفاء بمناسبة درجت العادة على تسميتها "عيد الصحافة العراقية".
والمناسبة ينبغي أن تكون جديرة بتقديرنا وبحبنا.
ذلك ان الصحافة، فضلا عن وظائفها المعتادة، هي صانعة تميز وخصوصية لكل بلد من البلدان، شأنها في ذلك شأن وسائل عديدة أخرى خالقة لما يعرف بـ "الهوية الوطنية". فهي من هذه الناحية مثل الآداب والفنون المعبرة عن ثقافة كل شعب من الشعوب. وهي جزء لا يتجزأ من خلطة الاسمنت التي تربط بناء كل مجتمع من المجتمعات.
فأنت حين تسمع يوسف عمر، أو حين تقرأ غائب طعمة فرمان، أو تستذكر أعمدة شمران الياسري، أو تستعيد مسلسل "تحت موس الحلاق"، أو تشاهد ابداعات جواد سليم، أو تسحر بالسياب، تشعر بانتمائك الى فضاء وطن مشترك، ولشعبك.تجربة تصلك وتربطك بنوع من الروح العامة لبلدك، وبطباع معينة
على اننا ككل ابناء الشعوب التي تسمى أحيانا نامية، وأحيانا أخرى متخلفة، نحتاج في مناسبة كهذه لتجاوز الوقوف عند التمجيد الى النقد بهدف التطوير والتقدم.
ومن هذه الناحية علينا الاعتراف بأن ما أصاب بلادنا من محن، على الصعد كافة، شمل الصحافة أيضا. فهي كبلدنا شهدت موجات مد وجزر.
كبلدنا أيضا لازالت الى اليوم تفتقد الى الاستقرار الذي يصنع النمو والتطور.
ولعل أفضل ما نفعله كأفراد صحفيين، بعد معرفة واقع الاعلام، هو أن نواصل التعلم من المتقدمين في مجالنا، من أجل ترقية مهنتنا وصنعتنا. والمتقدم في كل مجال من المجالات هو نوع من أب للمتأخر. فلا ضير من هذه الناحية علي كصحفي عراقي أن أتخذ من صحفي فرنسي أو مصري أو لبناني أبا لي اذا كان هذا الصحفي معلما مبدعا ومتميزا في المهنة.
ونحن بسبب الانتكاسات وظروف العسر والحروب خسرنا امكانيات صناعة الآباء المتجددين في مجالات كثيرة، منها الصحافة والسياسة. فمن منا آمن بأب عراقي تعلم منه في الصحافة؟ ومن منا آمن دبسياسي عراقي ووثق برؤيته في انقاذ البلد؟
على ان عالم اليوم، الذي يوصف بالقرية الكونية، لم يعد ظنينا بالآباء والمعلمين. فعالم الفيزياء الذي تفتقده في بلدك تجده في بلد آخر، والصحافة التي لم ترتق هنا، تجد نموذجها المتطور هناك. وهكذا مع بقية المجالات.
اننا نعتز بتحول الصحافة في البلدان الديمقراطية الى سلطة رابعة. وهذا المكسب الذي تحقق في جزء من العالم نأمل أن يمتد الى سائر أرجاء العالم ومنه بلدنا. ومثال السلطة الرابعة أصبح قويا ومؤثرا، وبالتالي مطمحا عالميا. ولعل عيد الصحافة العراقية سيكون حقيقيا عندما تتحول فعليا الى سلطة رابعة.
ورغم بعدنا عن الشروط الاجتماعية الكفيلة بمثل هذا التحول، سنظل مسكونين بهذا الأمل، ومناضلين من أجله.
أجمل التهاني وأطيب التمنيات لكم جميعا في يومكم.